بوحجر مدينة من مدن ولاية المنستير تقع في الساحل المركزي للبلاد التونسية تتوسط ثلاث ولايات: المهدية،وسوسة والمنستير،والتي تفصلها عنها 13 كم، وهي تنتمي إلى معتمدية صيادة لمطة بوحجر ولا يفصلها عن مركز المعتمدية سوى ثلاث كيلومترات،وهي مركز بلدية بمقتضى الأمر عدد 578 المؤرّخ في 8 أفريل 1985.
وبوحجر بلدة شبه شاطئية يحدّها شرقا وعلى بعد كيلومتر واحد البحر الأبيض المتوسط، وقبلة مدينة قصرهلال، وجوفا مدينتا بناّن وقصيبة المديوني، وغربا مدينة طوزة. وهي تبعد بنحو 170 كلم جنوب العاصمة تونس.عموما فالمنطقة تمتد على موقع استراتيجي ومحوري أهّلها بان تكون قبلة العديد من أفواج النازحين لا سيما في السنوات الأخيرة. وتضم بوحجر أكثر من ستة ألاف ساكن.
ورغم عراقة المدينة تاريخيا فإنها لم تكن مجال بحث في جل الكتابات والمراجع التاريخية والجغرافية التي تناولت جهة الساحل، لذلك كثيرا ما يواجه المؤرّخ صعوبة شديدة في ضبط فترة التأسيس وطبيعة الأصول السكانية الأولى التي استقرت ببوحجر، لكن العديد من المعطيات والقرائن المادية الأثرية تحديدا تثبت أن المجال الجغرافي الحجري كان مجالا فينيقيا ورومانيا بامتياز،حيث يقول المؤرّخ "حسين فنطر": يلاحظ كثافة الحضور البوني على كامل الشريط الساحلي الممتد بين المنستير والبقالطة .. ومنها مدن شهيرة مثل رسفينة التي خلفتها المنستير ولبتيس التي تحوّل اسمها إلى لمطة ومن دلائل تواجد آثار الحضارتين الفينيقية والرومانية إلى اليوم سواء على أرض الواقع من خلال بعض الآثار المادية أو من خلال المخيال الجماعي الشعبي المتمثل في التسميات المواقعية التي تعكس حضور هاتين الحضارتين لا سيما الرومانية، هي ما يعرف ب «غيران الروم» الموجودة بالمنطقة الشرقية ببوحجر وهي منطقة تحتوي على العديد من الكهوف والمغاور التي كان الرومانيون يحتمون فيها من خطر العدو ويضعون فيها مؤونتهم وعتادهم. أما في المنطقة الغربية للمجال الحجري فنجد «شعبة الرومان» ورغم هذا الإرث التاريخي والحضاري للمدينة فان معظم مصادر التاريخ والجغرافيا ترجح الاستقرار العمراني بالمدينة في الفترة الدولة المرادية (1628- 1702).
أما عن أصل تسمية بوحجر وأسطورة تأسيسها فالحقيقة توجد العديد من الروايات الشفوية منها المتعلق بولي تنسب اليه التسمية ومنها المتعلق ببعض الروايات الشفوية ومنها ما يرحجح الطبيعة التضاريسية التي تغلب عليها الحجارة والتربة الكلسية وهذا ما ذهب إليه الدكتور عادل بوزيد في كتابه على بوحجر حيث رجّح ان تكون الطبيعة التضاريسية هي سبب تسمية بوحجر بالنظر إلى ضعف بقية الروايات وانتفاء الوثائق المكتوبة التي تدل على أصل التسيمة.
وقد اشتهرت بوحجر منذ الاستقرار العمراني بها بطبيعتها الفلاحية ،لاسيما زراعة الزياتين والأشجار المثمرة وجملة من أنواع الخضر ويشهد على ذلك انتشار مجموعة من الآبار بمختلف مناطقها،وقد ظلت تسمية هذه الآبار راسخة في المخيال الجماعي والذاكرة المحلية إلى اليوم رغم اندثار جل الآبار على غرار"بير زيتونة" "بير الحلو" "بير الكرمة"... وفي نهاية القرن التاسع عشر بدأت تنتشر حرفة الحياكة لتبلغ أوجها حتى منتصف القرن العشرين، حياكة التخليلة خاصة، ثم برزت صناعة النسيج والمنسوجات التى ظلت المحرك الأساسي لاقتصاد المدينة.
أما عن الأصول السكانية والقبلية للعائلات المستقرة في بوحجر فان بعض المؤرخين يعتبرون إن بوحجر تكونت من مجموعة من العائلات الوافدة والتي تكونت فيما بينها لحمة وانسجام واندماج ومن ابرز العائلات: "آل بوزيد" "آل بوكذابة" "آل نصر" "آل الفقيه" "آل الصياح"" آل العبيدي".. على أن النواة السكانية الأصلية التي تفرعت عنها فيما بعد جل العائلات تعود إلى قبيلة "عكارة" التي تنسب إلى الولي "سيدي الصياح العكاري".
من الناحية التاريخية والتراثية فان أقدم معلم تراثي تاريخي هو الجامع العتيق الذي يعود تاريخه إلى قرابة ثلاثمائة سنة إضافة إلى مقامات الأولياء الصالحين من أشهرهم "سيدي العبيدي" "سيدي حمودة". ومن حيث العادات والتقاليد ومدى تشبثهم بهويتهم الأصلية تعد بوحجر من المدن الساحلية القليلة التي لا يزال سكانها يحافظون على حد أدنى من التضامن والتعاون والانسجام وهذه القيم تتجلى خاصة في المناسبات.